بقلم الدكتور/
حسن سلمان
الحمد لله وكفى وسلام على النبي المصطفى أما بعد :
كثيرة هي نبوءات النبي محمد صلى الله عليه وسلم و من نبوءاته إخباره بتغير المعايير وانقلاب الموازين وبخس الناس اشياءهم وذلك ما جاء في قوله عليه الصلاة والسلام عن أبي هريرة:( تأتي على النّاسِ سَنواتٌ [خدّاعاتٌ] يُصدَّقُ فيها الكاذبُ، ويُكَذَّبُ فيها الصّادقُ، ويؤتَمنُ فيها الخائنُ ويخوَّنُ فيها الأمينُ، وينطِقُ الرُّوَيْبضة قيلَ: يا رسولَ اللَّهِ وما الرُّوَيْبضةُ؟ قالَ: الرَّجلُ التّافِهُ يتَكَلَّمُ في أمرِ العامَّةِ) رواه الحاكم على شرط الصحيحين
لعل هذا عين ما نراه هذه الأيام والسنوات القليلة الماضية وهو التطاول من الأقزام على العمالقة ومن الكاذبين على الصادقين ومن الخونة على الأمناء في محاولة يائسة بائسة لتشويه صورة النبي محمد عليه الصلاة والسلام ولعل حالهم كحال من أراد أن يثير الغبار على الشمس ويعود الغبار على وجهه وتظل الشمس صافية الأديم بسامة المحيا وهنا لا نكتب دفاعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم لأنه ليس بمتهم أصلاً بل هو الرحمة المهداة من رب العالمين للناس كافة وحاجة الناس إليه أشد من حاجتهم إلي الطعام والشراب حتى وإن جهلوا قدره ومقامه فالحقائق لا تغيرها كثرة الجاهلين او جحود الجاحدين أو مكابرة الطغاة المتجبرين قال تعالى : ( فَوَرَبِّ ٱلسَّمَاۤءِ وَٱلۡأَرۡضِ إِنَّهُۥ لَحَقࣱّ مِّثۡلَ مَاۤ أَنَّكُمۡ تَنطِقُونَ) الذاريات /23 ( وَیَسۡتَنۢبِـُٔونَكَ أَحَقٌّ هُوَۖ قُلۡ إِی وَرَبِّیۤ إِنَّهُۥ لَحَقࣱّۖ وَمَاۤ أَنتُم بِمُعۡجِزِینَ) يونس/ 53 ولكن نكتب لأنفسنا كأمة مؤمنة بهذا النبي عليه الصلاة والسلام ومن حقها أن لا تمس عقيدتها أو تنتهك كرامتها وتدنس مقدساتها وهي لا تحرك ساكناً أو أنها تنجر لأعمال ربما أضرت أكثر مما أفادت وأما نبينا عليه الصلاة والسلام فقد رفع الله قدره وذكره ومقامه وكفاه شهادة أن ينطق المليار ونصف باسمه في كل لحظة من حياتهم وأن يكون شمساً بين كواكب المصلحين إذا ما بدا بينهم تقاصرت قامات الجميع وتبددت أنوارهم :
كأنك شمس والملوك كواكب —- إذا ما بدت لم يبد منهن كوكب
ولعل البعض في الغرب يعيش حالة من الهستيريا أو ما يسمى ب (الإسلامفوبيا) من ظاهرة التمدد الإسلامي التي تجتاح ديارهم ويفقدون معها الحجة والبرهان فتكون ردات الفعل تلك التصرفات الهوجاء التي تنم عن عقلية سطحية ومريضة تحسب أنها تطفئ نور الشمس بالنفخ بالأفواه وهيهات !!!!!
وبإزاء هذه الحالة الهستيرية التي من تأملها يدرك قوة الإسلام وصعود نجمه لا أفوله نحتاج إلي إدارة واعية ومبصرة للأحداث الجارية حتى لا ننجر إلى ساحة يريدها العدو ويمتلك أدوات الحسم فيها وهنا يبرز بالإضافة إلى غضبة الشعوب ورفضها لمسالك المستهزئين والحاقدين دور المؤسسات الرسمية والشعبية في القيام بالتصدي الجاد والمسؤول عن حرمات ومقدسات الامة بمختلف السبل ولعل من الأفكار التي تحتاج إلي عمل جاد هو العمل من خلال المؤسسات الدولية في تمرير قوانين صارمة ورادعة لكل متطاول على المقدسات ولا يعقل أن تكون أمة بحجم أمة الإسلام وليس لها القدرة على ذلك ، هذا بجانب وضع ميثاق إسلامي يحدد كيفية التعامل مع مثل هذه المسلكيات وضرورة الاتفاق عليه والعمل به داخل كل دولة إسلامية بقوة القانون بما يعطي إمكانية ملاحقة المجرمين في عموم الأراضي الإسلامية ويكون رادعاً لغيرهم .
وكذلك من أعظم أنواع الردود المؤثرة على المعتدين المقاطعة الاقتصادية والتجارية للدول التي تعمل على نشر الكراهية للإسلام والمسلمين والاستهزاء برموزهم الدينية بحجة حرية التعبير ولقد رأينا التأثير البالغ لهذه المقاطعة وهي من أنواع الهجر المشروع .
ومن أبلغ الردود الشعبية والرسمية إحياء سيرة المصطفي صلى الله عليه وسلم وإبراز حياته الخاصة والعامة لكل مسلم والاعتزاز به عملياً وفي ذلك أبلغ رد على الشانئين والحاقدين وهذا هو التوجيه القرآني لمثل هؤلاء قال تعالى؛(فَٱصۡدَعۡ بِمَا تُؤۡمَرُ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡمُشۡرِكِینَ * إِنَّا كَفَیۡنَـٰكَ ٱلۡمُسۡتَهۡزِءِینَ * ٱلَّذِینَ یَجۡعَلُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا ءَاخَرَۚ فَسَوۡفَ یَعۡلَمُونَ * وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّكَ یَضِیقُ صَدۡرُكَ بِمَا یَقُولُونَ * فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ ٱلسَّـٰجِدِینَ * وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ یَأۡتِیَكَ ٱلۡیَقِینُ ﴾ [الحجر ٩٤-٩٩]
ونختم بقول الله تعالى :- ﴿یُرِیدُونَ لِیُطۡفِـُٔوا۟ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَ ٰهِهِمۡ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَـٰفِرُونَ * هُوَ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِینِ ٱلۡحَقِّ لِیُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّینِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ ﴾ [الصف ٨-٩]
وقول المصطفى عليه الصلاة والسلام ( ليبلغنَّ هذا الأمرُ ما بلغَ اللَّيلُ والنَّهارُ، ولا يتركُ اللهُ بيتَ مدَرٍ ولا وبَرٍ إلّا أدخلَهُ اللهُ هذا الدِّينَ، بعِزِّ عزيزٍ، أو بذلِّ ذليلٍ، عزًّا يعزُّ اللهُ به الإسلامَ، وذلًّا يذِلُّ اللهُ به الكفرَ ) صححه الألباني وهو على شرط مسلم اللهم صلي وسلم وزد وبارك على الحبيب المصطفى والنبي المجتبى ما ذكرك الذاكرون وغفل عن ذكرك الغافلون ……….. والسلام على من اتبع الهدى ……..