يأتي العيد كل عام ونحن نتوسد الهموم مثل زريق البغدادي، وقد فارق الزوج والولد والديار، وسافر مودعا بالأسحار، مات متوسدا همومه في الشام منسيا، ولولا أبيات من الشعر لما شعر أحد بوجوده في الحياة.
كل عام يأتي العيد ولا جديد
بأي شيء عدت يا عيد
فالأحبة والأصحاب خلف جدار الصمت
يأكلهم الإهمال حيث ميلاد الظلم والظلام
حيث الإنسان الذي لا يسأل عنه
فالسؤال بذاته جرم جوابه ظلم مضاعف
ويقتلنا نحن الانتظار لموسم فرح لم يحن أوانه بعد
كل عام يأتي العيد فتتجدد الأحزان لمن فقد الأب والأبن والأخ والخلان
كل عام يأتي العيد فيمنح للحزن مساحة جديدة في دواخلنا بلا استئذان
فلا العيد قادر على أن ينسينا ولا البعد النازح قادر يداوينا
يا دار أين أهلك القاطنين
قولي يا دار أين الأحباب وأين المزار
كل شيء في حياتنا رهن الانتظار
فلا الأفراح لها مواسم
ولا الوسم منحنا جميل الأماسي
ولا الأمل عبر مهلكة اليأس
لازلنا نتوسد الهموم ويأكلنا الانتظار
فلس هناك الخضر ليبني لنا الجدار
فيه متاعنا وفيه عبق التأريخ بصلاح
إلا جدار بشهادة الأخيار
ولا موسى يعود بنا إلى صخرة الملتقى
فتدب فينا الحياة مع التيار
لا زلنا نتوسد الهموم ننتظر ربيع الزمن
من غير أن نغرس بذرة العمل في حديقة الوطن
كل شيء في حياتنا رهن الانتظار
في عواصم العالم (نحن مواطنون بلا وطن)
وطننا خريطة معلق في جدار المنزل
مثل مفاتيح القدس نورثها الأحفاد
لا تنسى يا بني أرض الصدق
كان العدل موطنه هناك
وكانت للإسلام مثل الكهف للفتية
تعالج خوفه بالأمان
وكانت دبرا من ذهب الصدق
وكانت حبرا تكتب به
بقايا إنجيل من الحق
حتى بكا النجاشي لما عرف من الحق
حيث النجاشي الأسحم
ممثلها الشرعي
وحاكمها الفعلي
لم يخف في نصر الحق الضعيف لومة عمرو القرشي
فالعدل كان هو النجاشي هو النجاشي
فنحن اليوم في خريف العمر في زمن الوصية بعد ما فقدنا فعل التغيير
الوصية للأحفاد بالوطن والدين
وليس بعدها خردلة من عمل
الشيخ / محمد خير عمر