بقلم الدكتور/ عبدالرحمن عثمان
قضية الاحتفال بالمولد من القضايا الموسمية ومن يوم ظهورها ؛ في القرن الرابع الهجري؛ و إلى اليوم تباينت فيها أراء العلماء بين مانع ومجوز؛ ولكل دليله؛ وهي من القضايا المنتمية إلى دائرة الظنيات؛ فالحسم فيها محال؛ وذلك ان قضية المولد تتنازعها شوائب العادات والعبادات ( فهي ليست من جنس العبادات المحضة وليست من جنس العادات المحضة) بالإضافة أنها من الفروع وليست من الأصول فهي من الجزيئات لا الكليات؛ ولذلك كانت عريقة في الظنيات؛ والقانون الحاكم والقاعدة المعتبرة هو ما قرره الشاطبي في الاعتصام [ فالظنيات عريقة في إمكان الاختلاف فيها، لكن في الفروع دون الأصول، وفي الجزئيات دون الكليات، فلذلك لا يضر هذا الاختلاف” [الاعتصام 2/168].
- ومن جميل صنيع الشاطبي ان جعل بدعة المولد من البدع الإضافية لا الأصلية؛
- لذلك الاختلاف مشروع في سياق الياته ومن أهله؛ فمن أصاب فله اجران ومن أخطأ فله أجر الاجتهاد؛ ولا ضرورة للتفسيق والتبديع؛ واحتكارية الصواب؛ أما العوام؛ فقد يثابون على صدق محبتهم للنبي لا على فعل بدعتهم كما قال شيخ الإسلام :
“والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد، لا على البدع؛ من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيداً” - وختاما؛ انقل سلوكا أراه جديرا التحلي به في مثل هذه القضايا؛ ختم به العلامة
الدكتور بلخير طاهري الادريسي الحسني المالكي الجزائري؛ عشاريته في مقاله الماتع :
” إحياء المولد النبوي
بين التهيب والتسيب” - حيث يقول :
[ 1_ إن رفع الخلاف في مثل هذه المسائل متعسر .
2_ وتحكيم المقاصد لتضييق الخلاف متيسر.
3_ وحسن الظن بالمخالف من أخلاق المتبصر.
4_ ونشدان القطع في كل المسائل متعذر
5_ والطعن في اجتهاد أهل الحق أسلوب متكرر.
6_ و متتبع عورات العلماء سلوك كل متعثر
7_ و الاعراض والقفز على اجتهادات السابقين صفة كل متكبر.
#فحسن الظن مع سلامة القصد ، قد تخرج صاحبها من دائرة الحرج الى دائرة الفرج، خاصة ممن لهم سبق وسهم في الاسلام ، و أثر ظاهر بين الأنام.
فاجتهد و انتقد ثم اعتقد ، و لكن إياك والاقصاء واحتكار الصواب في مسائل الاجتهاد.
واعلم أن كلام الشارع يحتج به ، وكلام العالم يحتج له ، ففرق بين يحتج به ويحتج له .
فإياك وانزال أقوال العلماء منزلة النصوص، فكل يؤخذ من كلامه ويرد ، الا المعصوم صلى الله عليه و سلم.
ولو سكت من لا يعلم لسقط الخلاف …
ومن لم يطلع على إختلاف الفقهاء، لم يشم رائحة الفقه.
وتركت التفصيل لأهل التأصيل.
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول ، فيتبعون أحسنه] .