يقال إذا لم تسقط حبة الحنطة لتموت تبقى
وحدها، وإن سقطت وماتت تعطي ثمارا كثيرا.
هل يموت من احتقر الموت؟
وهل يموت الشهيد الذي وهب الحياة للأمة بعد طول سبات؟
الوحش يقتل ثائرا
والأرض تنبت ألف ثائر
يا كبرياء الجرح
لو متنا لحاربت المقابر
لا يوجد في هذا الوقت شعب يستثمر في الموت مثل أحرار غزة، الموت يفجع الناس إلا هؤلاء الفتية الأحرار يفجعون الموت، لا ينبغي أن يبقى الموت أعزبا مادام طلاب يده يتزينون له بالشهادة، إنه الوفاء للحياة الأبدية، إنه العشق للترف الأسمى الفردوس الأعلى،
اليوم المال عند بخيله، والعرش عند عميله، والسيف عند جبانه، يقول الشاعر:
حذاؤك لا العروش ولا الجيوش
ولا نفط الخليج ولا القروش
ولا خطب حرائقها خبال
ولا علم تلف به النعوش
ولا قمم تسير بغير نعل
لتشجب ثم تنفض الجحوش
متى تغضب هذه الامة فكل الكائنات؟ يوم تقاتل فيه حتى الفئران والعناكب!
فمتى يأتي يومكم يازعماء من ورق؟ وقد مرت كل المعارك ومات الكبار والصغار
قد أقسم المجد حقا لا يحالفهم
حتى يحالف بطن الراحة الشعر
فهذا القتل العلني وهذا العجز العلني في غزة هو أذان للصلاة إلى البيت الأبيض.
(في المسافة بين القبر والقبر يحترق العمر، وعلى جلد الأرض الخشن تتساقط هاماتهم يتشبثون بالقضية
فتكسر على أكفهم أعواد الحياة الجافة، زمن الثكالى وهن ينثرن زهرة الحياة على ضفائر الموت، أرني اليوم أمة تتعطر عذراواتها بالبارود، وتتشظى أطرافهن الغضة، وتتخضب الأنامل بدماء فتية تبتسم للموت وتذهب الأجساد لقاحا ضد
الانكسار).
قال تعالى: (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا) الإسراء: 4 .
الآن القران يتجلى في الواقع، فاليوم إسرائيل تستعلي حتى على أمريكا لدرجة أن رئيسها يشهد شهادة زور، وتستغفر نيابة لجرمه البيت الأبيض وانظر إلى أوروبا العجوز صاروا صهاينة أكثر من أهلها، فمن يحكم العالم اليوم في الحقيقة هم اليهود، أما الأنظمة العربية وصلت في الأمركة درجة المؤلفة قلوبهم وإن كانت ثيابهم تغطي حتى أصابع القدم، إلا أن قراراتهم عارية حتى من ورقة التوت، وحماس أدركت من وقت مبكر أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، وأن كثيرا من الرؤوس لا يدخلها إلا الرصاص.
قالوا عن صواريخ حماس ألعاب أطفال وصواريخ عبثية، وضخ علينا إعلام العملاء هذا السخف وسوغ لنا الإحساس بالعجز، والإحساس بالعجز قمة الانهزام، وقالوا صواريخ حماس مثل من يرمي جبل بحبة حصى، ونحن نقول لهم نعم إسرائيل جبل ولكنها جبل كحل تهده المراود، وقد تأكد ذلك يوم السبت، وإن الواقع والتاريخ ليس مصدرين للحكم بل موضعين للحكم عليهما، (والحرب من اجل عادة إنسانية وفطرة ربانية وغريزة وجودية) العالم الآن يعيش لحظة فارغة في تاريخه لكون الأمة الإسلامية خارج سياق التاريخ، وأي لحظة تاريخية لا توجد فيها هذه الأمة هي لحظة فارغة لا تعد من تاريخ عمر الإنسانية، فهي تعد من فترة التيه الإنساني.
الآن في أرض غزة الأبية تقدم حماس والمقاومة المسلحة الإنسان المسلم في معدنه الأصلي، تقدمه في سياق الموت ليكون رقما عصيا لا يمكن كسره، وأن الموت هو من يفتح أمام الأمة أبواب الحياة، (احرص على الموت توهب لك الحياة).
خاتمة:
رُب وامعتصماه انطلقت ملئ أفواه الصبايا اليتم
لامست أسماعهم غير أنها لم تلامس نخوة المعتصم.