بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
مدخل:
إن العمل في أوجه الخير والبر والإحسان مما دعانا إليه ديننا الحنيف أفرادا وجماعات، وكم من أعمال خيرة نفر لها أناس صالحون جعل الله على يدهم من الخير والنفع ما الله به عليم، وحتى يستمر الخير ولا ينقطع بذهاب من غرسه بل يتواصل نفعه ويتوسع خيره فإن هذا ما يستوجب أن يوضع له من البرامج والنظم التي تحميه وترعاه ولا يتم هذا المطلب المهم إلا بعمل مؤسس نحاول أن نبين في هذه الأسطر القليلة بعض جوانبه وخصائصه المهمة في المباحث التالية:
*التعريف:
*حث القرآن والسنة على عمل الخير:
*الهدف من العمل الخيري المؤسسي:
*مميزات وخصائص العمل المؤسسي:
*أفكار للنهوض بالعمل الخيري المؤسسي:
أولا / أ – تعريف العمل الخيري
هو إيصال الخير للغير، وعرف الدكتور العلامة يوسف القرضاوي رحمه الله في كتابه أصول العمل الخيري في الإسلام العمل الخيري بقوله: “المراد بالعمل الخيري: النفع المادي أو المعنوي الذي يقدمه الإنسان لغيره، من دون أن يأخذ عليه مقابلا ماديا”،
أما الدكتور عبد الكريم بكار فقد عرّف العمل الخيري في كتابه” ثقافة العمل الخيري”: هو” كل مال أو جهد أو وقت يبذل من أجل نفع الناس وإسعادهم والتخفيف من معاناتهم”
ب – تعريف العمل المؤسسي:
العمل المؤسسي هو عمل جماعي، والمؤسسة هي شخصية اعتبارية ذات رسالة واضحة يتفاعل بداخلها العنصر البشري وأنظمة العمل والموارد المادية.
ثانيا / ما يدل على عمل الخير من النصوص:
قال الله تعالى:( يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وأفعلوا الخير لعلكم تفلحون) الحج 77.
وقال تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا، إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) الإنسان آية7-8.
ومن السنة وردت أحاديث كثيرة تحث على عمل الخير وبذل المعروف والتيسير على المعسر فمن ذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال 🙁 من نفس عن مسلم كربة من كرب يوم الدنيا نفس الله عنه كربة منة كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر في الدنيا يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما في الدنيا ستر الله عليه في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) رواه مسلم وغيره.
ومن حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله)، وأحسبه قال: (وكالقائم الذي لا يفتر، وكالصائم الذي لا يفطر)، متفق عليه.
ثالثا/ الهدف من العمل الخيري المؤسسي:
تقوية الروابط بين المجتمع وتقديم خدمات نافعة لمن يستحقها بصفة مستمرة وفق أسس وبرامج سليمة تنطلق من استراتيجية تهدف للنهوض والرقي بمثلث هذا القطاع وهي: مشروعات العمل الخيري – القائمين على هذا العمل – ومن يستهدفهم (أصحاب المصلحة).
رابعا/ مميزات وخصائص العمل المؤسسي: “جمع من دورة العمل المؤسسي ليوسف القويفليٍ”
- أنه يحقق مبدأ التعاون والجماعية والتكافل في العمل.
- الاستقرار النسبي للعمل (المالي والإداري) وضمان استمراريته وفق سياسات وقواعد وإجراءات تصل على تحقيق الأهداف.
- القرب من الموضوعية أكثر من الذاتية بوضع معايير محددة وموضوعية للقرارات.
- دفع العمل نحو الوسطية والتوازن.
- توظيف كافة الجهود البشرية والاستفادة من شتى القدرات الإنتاجية.
- عموم نفعه لأفراد المجتمع بخلاف الفردي.
- مواجهة تحديات الواقع بما يناسبها وكيفية الاستفادة من منجزات العصر دون التنازل عن المبادئ.
- ينقل من محدودية الموارد المالية إلى تنوعها واتساعها.
- الاستفادة من الجهود السابقة والخبرات المتراكمة بعد دراستها وتقويمها.
- يضمن العمل المؤسسي عدم تفرد القائد أو القيادة في القرارات المصيرية المتعلقة بالمؤسسة.
- يضمن العمل المؤسسي بأن جميع العاملين ملتزمون بمنظومة من القيم والمبادي يتمحور حولها أداؤهم وسلوكهم وعلاقاتهم الوظيفية والإنسانية.
- يضمن العمل المؤسسي اجتهاد الإدارة في اختيار أفضل الأساليب النظرية والإدارية لتحقيق أفضل مستويات الخدمة.
- يضمن العمل المؤسسي أن يدعم المؤسسة بأفضل الموارد البشرية من خلال اتباع سياسة منظورة في الاختيار والتوظيف والتدريب والتأهيل تحقيقا للتنمية المستمرة.
- يؤكد العمل المؤسسي جاهزية المؤسسة في تقديم القيادات البديلة وقت الطوارئ والضرورة.
- التجارب الكثيرة تؤكد أن العمل الذي يبنى بناء مؤسسيا ينتج أضعاف الذي يبنى بناء فرديا.
- العمل المؤسسي يوضح الأهداف وينظم العمل لأنه يجبر على إيجاد التخصصات وبالتالي يجبر العاملين على الوضوح وتحمل المسؤولية.
- اكتساب صفة الشرعية للمشاريع والبرامج التابعة للمؤسسات مما يفتح أمامها كثيرا من الميادين ويسهل سياسة الانتشار.
خامسا/ أفكار للنهوض بالعمل الخيري المؤسسي:
1- تضافر الجهود وتكثيفها لخلق روابط وشراكات بين سائر منظمات العمل الخيري عبر ورش متخصصة أو مؤتمرات جامعة من أجل تكوين عقد اجتماعي خيري تشبيكي يوحد جهود العمل الخيري ليخرجه من حقائب الفردية إلى رحاب المؤسسية ومن إطار الجماعة الواحدة إلى سعة التنوع الإيجابي للجماعات ومن ضيق القطرية إلى ميادين الأمة الجامعة الواسعة.
2- العمل على إيجاد شبكات ومنصات تحوي كل جوانب وحاجات ومجالات العمل الخيري بكافة مؤسساته الخيرية لتكون بمثابة مرجعية خيرية تعين كل من يريد معرفة ما أنجز وما يحتاج إلى تبني أو إنجاز في المستقبل.
3- نشر ثقافة التطوع بين افراد المجتمع مع تهيئة فرص التأهيل والتدريب في مختلف أوجه العمل الخيري والإغاثي …
4- السعي الحثيث لإيجاد حل جذري لمصادر دعم العمل الخيري من خلال إقامة أوقاف إسلامية تدر على مختلف أنشطة ومجالات العمل الخيري دون تذبذب أو انقطاع لأي سبب كان.
نسأل الله سبحانه أن يبارك في الجهود ويجعها خالصة لوجهه الكريم لتؤتي أكلها ويبقى نفعها وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أعده وجمعه/ إسماعيل عمار