رمضان : حكم وأحكام وفضائل ومعان

4 يونيو 2017 2584

بقلم الأستاذ / داوود محمد أمان

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين .
لقد كان فضل الله تعالى على خلقه عظيما وعطائه لهم جزيلا بتشريعه لهم الصوم . قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) . فأكرم بها وأنعم من عبادة متميزة بخاصية النسبة إليه تعالى من بين سائر العبادات . مما يعني أن ما يريده الله تعالى من تشريعه لهذه العبادة أبعد من مجرد الحركات والسكنات . ومن ثم حري بالمسلم أن يستشعر العمق الروحي والتعبدي لرمضان . إذ هو دورة إيمانية مكثفة ، يتقلب المسلم فيها بين أنواع من العبادات : صيام وصلاة وصدقة وقراءة قرآن وغيرها الكثير والكثير . ومتى حصل الوعي والتفقه بمقاصد العبادة وأدائها على الوجه الصحيح ، أثمرت ثمرتها في النفس ، وتحقق أثرها في الحياة ( لعلكم تتقون ) . ولا شك أن رمضان مشروع عظيم من مشاريع الآخرة والتجارة الرابحة مع الله الكبير المتعال ، يتذوق حلاوته ومعاناته ومكابدته في سعادة وأنس مع الله كل مؤمن صادق النية ، صافي السريرة . فهو موسم للسمو بالروح والقلب ، تخلية وتحلية وترقية وتزكية ومحاولة تحقيق التقوى والإخلاص وبلوغ رضا الله والترقي في درجات الجنان والعتق من النيران . إخواني الكرام : البدار البدار والجد الجد ، قبل فوات الأوان وحلول هادم اللذات ، وقبل العجز والمرض والضعف والهرم وصوارف الحياة ، فكم من صحيح قوي فجأه المرض فأقعده عن العمل ، ولو فطن المرء لنوائب دهره ، وتحفظ من عواقب أمره لكانت مغانمه مذخورة ، ومغارمه مجبورة . قيل لأحدهم ما أعظم المصائب عندكم؟ قال أن تقدر على المعروف فلا تصطنعه حتى يفوت ، وورد في الأثر : ( من فتح عليه باب من الخير فلينتهزه فإنه لا يدري متى يغلق عنه) ، فما العمر الا صفحة سوف تنطوي وما المرء الا زهرة سوف تذبل . وفي الأسطر التالية سنتعرض لرمضان في بعض جوانبه ومجالاته المهمة ، هي : – الفرح والسرور برمضان والتهنئة بقدومه ، تعريف الصوم ، الأحكام ، من معاني وحكم رمضان ، من فضائل وخصائص رمضان ، الأعمال الصالحة التي تجب أو تتأكد في رمضان ، الخاتمة :-
الفرح والسرور برمضان والتهنئة بقدومه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم رمضان كما أخرجه الإمام أحمد والنسائي . فعن أبي قلابة عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه ( قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك افترض الله عليكم صيامه ، يفتح فيه أبواب الجنة ويغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه الشياطين ، فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم ) . قال ابن رجب : ( هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضا بشهر رمضان ، كيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان ، كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران ، كيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشيطان .. ) . قال معلى بن الفضل : ( كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم ) . وقال يحي بن أبي كثير : ( كان من دعائهم اللهم سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه مني متقبلا ) . ومما يستوجب الاحتفاء برمضان ، أنه كان وعاء لحوادث عظيمة ، ومناسبات مباركة في تأريخ أمة الإسلام المجيد ، ومن أعظمها بعثة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فيه ونزول القرآن الكريم عليه فيه ، فهو شهر الذكريات العظيمة والعميقة الأثر في حياة الأمة ، كما هو شهر العمل والفتح والإنجاز . ولا شك أن رمضان وقدومه من أفضل النعم المتجددة على المسلم . وعليه أن يستعد له بإخلاص القلب ، وتصحيح النية ، والإقبال على العبادة ، وتجريد القصد لله تعالى ، والعزم على التوبة ، وتأهيل النفس للانتفاع بروحانيات الشهر وإيمانياته ، مع القرب من الصالحين والذاكرين .
تعريف الصيام : الصوم في اللغة الإمساك عن الشيء ، والترك له ، وقيل للصائم صائم لإمساكه عن المطعم والمشرب والمنكح ، وقيل للساكت صائم لإمساكه عن الكلام ، وقيل للفرس صائم لإمساكه عن العلف مع قيامه . والصوم شرعا ، هو : إمساك مخصوص في زمن مخصوص من شيء مخصوص بشرائط مخصوصة . أو هو : التعبد لله سبحانه وتعالى بالإمساك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات من طلوع الفجر وإلى غروب الشمس . ومن المعاني التي لأجلها سمي شهر الصيام بشهر رمضان ، أنه شهر ترتمض فيه الذنوب ، أي تحترق ، فرمضان مصدر رمض ، أي احترق ، ومنه : الرمضاء ، وهي بقايا الحريق . قال القرطبي – رحمه الله – ( قيل : أنما سمي رمضان لأنه يرمض الذنوب ، أي يحرقها بالأعمال الصالحة ) .
الأحكام : – صوم رمضان واجب بالكتاب والسنة والإجماع – يكفي في ثبوت دخول شهر رمضان ، أن يخبر برؤية هلاله أو يشهد عليها واحد من المسلمين ، أو إكمال شعبان ثلاثين يوما . وهذا من عدم التكلف في العبادة – رمضان شهر منفرد ، وهو كامل في الأجر وان نقص في العدد ، ولتمييزه عما قبله وعما بعده ، شرع الإفطار قبله بيوم أو يومين ، كما أن صيام يوم العيد بعده حرام – يجب صوم رمضان في الحال على كل مسلم بالغ عاقل طاهر صحيح مقيم . فلا يجب على غير البالغ ولا على فاقد العقل ، ولا على العاجز عن الصيام لمرض أو شيخوخة ، على أن يطعم مكان كل يوم مسكينا . أما المسافر والحائض والنفساء والمريض الذي يرجى برؤه ، فيؤخرونه ثم يقضونه – شروط الصوم ثلاثة : الزمان ، الإمساك عن المفطرات ، النية . والزمان ينقسم إلى قسمين : زمن الوجوب وهو شهر رمضان . وزمن الإمساك وهو أيام رمضان دون لياليه . والإمساك يوجب على الصائم ألا يجرح صيامه بشيء من المفطرات المتفق عليها ، وهي : الأكل والشرب ، إما بمأكول أو مشروب معهود . ما في حكم الأكل والشرب كقطرة الأنف التي تصل إلى الحلق والإبر المغذية والتزود بالدم عن طريق الأنابيب . الجماع ، وكذلك إنزال المني في يقظة عمدا ، بمباشرة أو استمناء أو غيره . الإستقاءة . خروج دم الحيض أو النفاس ، ومما يحسن التنبيه إليه هنا هو أن هذه المفطرات لا تنتج أثرها الا بالشروط التالية : – العلم بالحكم ، فمن جهل فلا شيء عليه ، الذكر ، فمن نسي فلا شيء عليه ، الاختيار ، فمن أكره فلا شيء عليه . أما النية فلا بد من تبييتها من الليل في صوم الفرض – من شق عليه الصوم في أيام معينة ، يجوز له الفطر ، بل قد يجب إذا تحقق الضرر بالصيام ، فقد رفع الله تعالى عن هذه الأمة الحرج – يستحب تعجيل الفطر ، وتأخير السحور – من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم ، فصومه صحيح ولا قضاء عليه .
من معاني وحكم رمضان : للصيام معان عظيمة ، ومقاصد سامية ، لو تفكر فيها المؤمن مليا لطال عجبه ، ولأدرك مدى عظمة هذا التشريع ، مما يقطع به العقل أنه تعالى غني عن تعذيبنا ، وغني عن أعمالنا . فمقصود العبادات إصلاح النفس وتزكيتها ، وإصلاح المجتمع وبناؤه على أساس محكم ومتين . ومن معاني الصيام ما يلي : 1- تحقيق العبودية لله والاستسلام له ، وتدريب العبد على الطاعة والامتثال ، وتذكيره بأنه عبد لله تعالى لا لغيره . ومتى ما تمكن هذا المعنى من العبد ، صار وقافا عند حدود الله ومستعدا لتلقي وتنفيذ أوامره ونواهيه . ومن ثم وفق لتحقيق المقصد الأعظم من مقاصد العبادات . 2- الإخلاص عنوان الصوم ، فلا مدخل للرياء فيه . بل الصوم يعلم الناس الإخلاص . والإخلاص يعني : التعري عما دون الله ونسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق . أو بمعنى آخر أن الصوم مرتبط بالإيمان ، فهو عبادة سرية بين العبد وبين ربه ، فالمرء بإمكانه أن لا يصوم ، وإن أمسك طوال نهاره ، وظهر للناس أنه صائم . فامتناع العبد عن المفطرات مع قدرته عليها ، دليل استشعاره اليقيني باطلاع ربه على سرائره وخفاياه . 3- الصوم يربي العبد على التقوى ، وهي حكمة الصوم العليا . فالتقوى هي التي تستيقظ في القلوب وهي تؤدي هذه الفريضة ، طاعة لله ، وإيثارا لرضاه ، والتقوى هي التي تحرس هذه القلوب من إفساد الصوم بالمعصية ، ولو تلك التي تهجس في البال . 4- الصوم تربية للمجتمع ، فالصائم عندما يرى من حوله صياما ، يحس بروح المجموع ، وهذا من بين الأسباب التي سهل لأجلها صوم الفرض ، فصائم رمضان أينما ذهب وجد من حوله صائمين ، فيستشعر مشاركة الآخرين له ، وأنه يقوم بعمل يؤديه الناس جميعا ، بخلاف النافلة . ومن هنا أصبح الصوم تربية للمجتمع ، حتى المجتمعات التي يغلب عليها الضعف والتهاون ، تجد آثار رمضان ظاهرة عليها ، ويندر في الناس من يجاهر بالفطر ويعلنه . 5- الصيام يربي العبد
على التطلع إلى الدار الآخرة ، فالصائم يترك ما يحب ويشتهي تطلعا إلى ما عند ربه من الأجر والثواب ، فمقياس ربحه وخسارته مقياس أخروي ، وفي ذلك أعظم الدروس لتوطين قلب الصائم على الإيمان بالغيب والآخرة ، والتعلق بها ، والترفع عن عاجل ملاذ الدنيا التي تقود إلى التثاقل والإخلاد إلى الأرض . هذا مع وافر الخير المعجل له في الدنيا ، ونعيم حياته بصحة البدن ، وفرح القلب بالطاعة ، وانشراح الصدر بالإيمان . 6- الصوم يربي الإنسان على قوة الإرادة ، وعلى الصبر . وهي قضايا ضرورية ومهمة للشخص حتى تنتظم حياته على الوجه اللائق . 7- الصوم يقمع الشهوة ، أي يضيق المجاري ، أو أن تلبس الإنسان بالعبادة التي تستغرق النهار كله ، تحدث ذلك الأثر المعنوي . 8- هنالك آثار نفسية وبدنية مترتبة عن الصوم ، ومفيدة للإنسان ، وهي كثيرة . مثل تنظيم الطعام وتوفير نوع من الحمية .
وللصيام كذلك حكم كثيرة ، منها : – أن فيه تضييقا لمجاري الشيطان في بدن الإنسان فيقيه غالبا من الأخلاق الرديئة ويزكي نفسه – فيه تزهيد في الدنياوشهواتها وترغيب في الآخرة – فيه باعث على العطف على المساكين والإحساس بأحوالهم – فيه تعويد النفس على طاعة الله جل وعلا بترك المحبوب تقربا لله .
من فضائل وخصائص رمضان : – في شهر رمضان بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم برسالة الإسلام إلى الناس كافة – في رمضان نزل القرآن الكريم ، قال الله تعالى ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان – خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك – تستغفر الملائكة للصائمين حتى يفطروا – يزين الله في كل يوم جنته ويقول : يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤونة والأذى ثم يصيروا إليك – تصفد فيه الشياطين – تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق أبواب النار – فيه ليلة القدر هي خير من ألف شهر ، من حرم خيرها فقد حرم الخير كله – يغفر للصائمين في آخر ليلة من رمضان – لله عتقاء من النار ، وذلك في كل ليلة من رمضان – للصائم فرحتان ، فرحة حين يفطر ، وفرحة حين يلقى ربه – الصوم لا مثل له ، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم للصحابي أبي أمامة ( عليك بالصوم ، فإنه لا مثل له ) ، وذلك عندما قال له يا رسول الله ، مرني بعمل أدخل به الجنة – إضافته لله تعالى تشريفا لقدره وتعريفا بعظيم فخره ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قال الله عز وجل ، كل عمل ابن آدم له ، الا الصوم ، فإنه لي وأنا أجزي به ) – في رمضان يضاعف الله الحسنات ، ويرفع الدرجات ، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر فضائل رمضان ( … من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ، ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه … ) – إن رمضان مكفر لما بينه وبين رمضان الآخر من الذنوب – للصائم دعوة مستجابة – الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة – جميع العبادات توفى منها مظالم العباد الا الصيام ، بمعنى أن الصيام لله عز وجل فلا سبيل لأحد إلى أخذ مظلمته من الصيام بل أجره مدخر لصاحبه عند الله عز وجل –
الأعمال الصالحة التي تجب أو تتأكد في رمضان : 1- الصوم ، وثوابه جزيل لا عد فيه ولا حساب . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) . 2- القيام ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) ، وهنا تنبيه مهم ، ينبغي لك أخي المسلم أن تكمل التراويح مع الإمام حتى تكتب في القائمين ، فقد قال صلى الله عليه وسلم ( من قام مع إمامه حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ) . 3- الصدقة ، قال صلى الله عليه وسلم ( أفضل الصدقة في رمضان ) . وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان ، كان أجود بالخير من الريح المرسلة . والصدقة لها أبواب وصور كثيرة ، من بينها : إطعام الطعام وتفطير الصائمين . 4- الإجتهاد في قراءة القرآن . 5- الجلوس في المسجد حتى تطلع الشمس ، قال صلى الله عليه وسلم ( من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة ) . 6- الإعتكاف ، كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام ، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما . 7- العمرة ، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( عمرة في رمضان تعدل حجة ) . 8- تحري ليلة القدر ، قال الله تعالى ( إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) . 9- الإكثار من الذكر والدعاء والإستغفار ، فأيام وليالي رمضان أزمنة فاضلة ، ينبغي اغتنامها عموما ، وخصوصا : عند الإفطار ، ثلث الليل الأخير ، عند السحر ، آخر ساعة من نهار يوم الجمعة .
الخاتمة : عندما يصل رمضان إلى نهايته ، يكون قد أوصل العظة والذكرى إلى قلوب المؤمنين . وبإكمال الصائمين صيام وقيام رمضان ، وفوا ما عليهم من العمل ، وبقي ما لهم من الأجر وهو المغفرة . فمن وفى ما عليه من العمل كاملا وفي له الأجر كاملا ، ومن سلم ما عليه موفرا ، تسلم ماله نقدا لا مؤخرا . ومن نقص من العمل الذي عليه ، نقص من الأجر بحسب نقصه ، فلا يلم الا نفسه . وعندها سيفرح أقوام وسيندم آخرون ، ولات حين مندم . فالفرحون ، هم الذين فازوا بجائزة الرضوان من الرب الرحمن . فمن قام فيه بواجباته واستغل أوقاته ، ورعى الحرمات وجاهد في اكتساب الطاعات ، فهو الفائز الحائز على الجوائز ، ففي الأثر عن أبي جعفر ، محمد بن علي مرفوعا قال : ( من أدرك رمضان صحيحا مسلما ، فصام نهاره وصلى وردا من ليله ، وغض بصره ، وحفظ فرجه ولسانه ويده ، وحافظ على صلاته في الجماعة ، وبكر إلى الجمعة ، فقد صام الشهر واستكمل الأجر وأدرك ليلة القدر ، وفاز بجائزة الرب ) . وحق لمثل هذا أن يفرح في شهره ، ويحمد الله على ما مر من عمره في فعل الطاعات وترك المخالفات . وأما من فرط في الزرع في وقت البدار ، لم يحصد يوم الحصاد غير الندم والخسران . لكن عليه الاسترجاع وإبداء الحزن والأسف ، حتى تكون له توبة يودع بها الشهر الكريم الذي لم يحسن ضيافته . وعلى الفائز الحائز على الجوائز : شكر الله تعالى وتكبيره على إتمام النعمة بإتمام الشهر والتوفيق للطاعة فيه ، وهو امتنان للرحمن بجعل عبادات المسلمين على الإحكام وعصمة التنزيل ، غير قابلة للتغيير والتبديل . إخواني الكرام : الله الله في رمضان ، حتى يكون لنا شافعا وشاهدا . أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يمن على الصائمين بقبول العمل والفوز بالجنة والعتق من النار ، وأن يعيد علينا رمضان أعواما عديدة وأزمنة مديدة ونحن في أحسن حال . إنه سميع قريب مجيب الدعوات . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *