غاية التدبر

21 أكتوبر 2025 158

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من  لا نبي بعده:

القرآن الكريم كتاب هداية للعالمين ، فبه تكون الحياة الطيبة في الدنيا والسعادة الأبدية في الآخرة ولكن عطاءات القرآن تتطلب قلبا حاضرا وعقلا متحررا ونفسا سوية حتى يجود القرآن بمكنوناته وعلومه ومعارفه وهداياته ، ولقد تحدثا في الحلقة السابقة  عن اليقين وأنه من الغايات الرئيسة التي يهدف إليها القرآن ولكن غاية اليقين سبيلها للتحقق هو  التدبر في آيات الله المنزلة والتفكر في آياته الكونية ومجاهدة النفس حتى ترتقي في مقامات اليقين ولما كان التدبر بهذه المكانةكان لا بد من معرفته وكيفية تحققه فما هو التدبر لغة واصطلاحا؟

أولا:التدبر لغة واصطلاحا:

أصل مادة (د .ب .ر) في اللغة تدل على آخر الشيء وخلفه ، وتدبّر الكلام: النظر في أوله وآخره، ثم إعادة النظر مرة بعد مرة؛ ولهذا جاء على وزن التفعّل كالتجرّع والتفهّم والتبيّن، ودبّر الأمر أي: فعله بعناية وعن فكر ورويّة، أو نظر فيه وصرّفه على ما يريد، وأما في الاصطلاح قال الجرجاني التدبر:

(عبارة عن النظر في عواقب الأمور) وقد عرفه ابن قيم الجوزية بقوله:

( تحديق ناظر القلب إلى معانيه ، وجمع الفكر على تدبّره وتعقّله)

وقيل في معناه: هو التفكر الشامل الموصل إلى أواخر دلالات الكلم ومراميه البعيدة.

وقيل: هو تفهّم معاني ألفاظ القرآن والتفكر فيما تدل عليه آياته.

وبهذا تتضح العلاقة بين المعنيين اللغوي والاصطلاحي، حيث خص التدبر في المعنى الاصطلاحي بالتفكر والتأمل في كلام الله تعالى.

(انظر موسوعة التفسير الموضوعي مادة التدبر)

ثانياً:التدبر غاية ومقصداً:

التدبر هو من أعظم المقاصد والغايات التي من أجلها أنزِل الكتاب العزيز على الناس كما في قوله تعالى ::( ِكتَـٰبٌ أَنزَلۡنَـٰهُ إِلَیۡكَ مُبَـٰرَكࣱ لِّیَدَّبَّرُوۤا۟ ءَایَـٰتِهِۦ وَلِیَتَذَكَّرَ أُو۟لُوا۟ ٱلۡأَلۡبَـٰبِ)ص- 29، فالتدبر ليس مجرد قراءة سطحية متعجلة ، بل هو تأمل عميق وفهم متجذر للآيات، يفضي إلى يقين قوي في القلب، ويُرَسّخ فهم المسلم لرسالة القرآ ن ، وأن غياب التدبر أو تركه يكون سببًا لقسوة القلوب وقفلها وضلال العقول وانحراف النفوس عن سواء السبيل قال تعالى في آيات عديدة : ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) محمد-24 ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ) النساء-82 ، ( أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُم مَّا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ ) المؤمنون -68، ووصف الله سبحانه وتعالى كتابه العزيز بأنه كتاب يؤثر في النفس البشرية ويغوص في أعماقها ويغير مساراتها نحو الأفضل ونحو الخير بحيث لا يستطيع أي كلام من كلام البشر أو أي نظم من المنظومات أو أي نثر من المنثورات أن يبلغ مقام كتاب الله تعالى مهما كان في التأثير والبيان ، يقول الشيخ الإسلام تيمية عليه رحمة الله:(ومن أصغى إلى كلام الله وكلام رسوله بعقله وتدبره بقلبه، وجد فيه من الفهم والحلاوة والبركة والمنفعة ما لا يجده في شيء من الكلام لا منظومه ولا منثوره) اقتضاء الصراط المستقيم -ج-2-ص-270.

وهو ما نص عليه الكتاب العزيز في آيات عديدة منها قوله تعالى: ( لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۚ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) الحشر- 21، وقوله: ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ ) الزمر-23، وقوله: ( وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ إِيمَانًا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) التوبة-124 ، وهذه الآيات كلها تؤكد ما يحدثه القرآن في النفس والقلب والعقل البشري  إذا ما أقبل عليه المكلف بشهود قلبي وصفاء نفسي وعقلي وتدبر لمعانيه ومراميه وهذا من مقاصد وغايات الوحي المنزل.

ثالثًا أهمية تدبر القرآن و تأثيره وتيسيره :

  1. أهمية التدبر وفضله:

كما هو معلوم فإن شرف الشيء بشرف  مُتعلَّقِه ، ولما كان التدبر يتعلق بكتاب الله تعالى ، صار من أشرف الأمور وأجلها وأفضلها ، وللتدبر أهمية كبيرة لكونه من مقاصد التنزيل الحكيم وغاياته فهو مفتاح الفهم لمراد الشارع وبه يكون اليقين بآيات الله تعالى ومن خلال تتشكل التصورات الصحيحة وبه تزول الأوهام والتخرصات وهو شأن العالمين الذين يعقلون آيات الله ويتفهمونها قال العلامة الآجري رحمه الله تعالى:( والقليل من الدرس للقرآن مع الفكر فيه وتدبره ، أحبُّ إلىَّ من قراءة الكثير من القرآن بغير تدبر ولا تفكر فيه ، وظاهر القرآن يدل على ذلك ، والسنة، وأقوال أئمة المسلمين) أخلاق أهل القرآن ص/169

وغياب التدبر يؤدي إلى قسوة القلوب وضلال العقول وقد وبخ  الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم الذين لا يتدبرون في قوله: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (محمد 24.

والقرآن الكريم يجب أن يكون مصدرًا للتغيير في حياة المسلم، لكنه في الكثير من الأحيان يُقرأ بلا تدبر فلا يكون له تأثير حقيقي في الحياة، والتأثير الحقيقي يحتاج إلى تدبر، والتفاعل مع معاني القرآن على مستوى عميق من الفهم والإيمان.

  1. عوامل تأثير القرآن:

القرآن هو المؤثر الرئيس في النفس البشرية ، فهو كلام الله المنزل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لكن لتأثيره ينبغي أن يكون هناك قلب حاضر مع الخشية واللين ومستعد لتلقي هذا التأثير، بالإضافة إلى وسيلة الاتصال به (التلاوة أو الاستماع)، قال تعالى:( الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد) الزمر:23. فإن القرآن يقدم نفسه كوسيلة للتأثير، لكنه يحتاج إلى تفاعل وتدبر من المسلم كي يؤثر أي قابلية المحل وهو القلب للتأثر، قال تعالى: (إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ لَذِكۡرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلۡبٌ أَوۡ أَلۡقَى ٱلسَّمۡعَ وَهُوَ شَهِیدࣱ) ق: 37.

  1. التدبر ليس معقدًا:

الكتاب العزيز يسره الله للناس قراءة وفهمًا وعملًا فهو ليس طلاسم معقدة ولا رموز مشفرة بل كتاب عربي مبين لمن يُتفاعل معه بوعي وتفكر. قال الله تعالى: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ) القمر: 22، أي أن القرآن ميسر للتدبر وليس محصورًا في العلماء فقط، بل هو واجب على كل مسلم أن يتفاعل معه كما قال ابن عباس: “تفسير يَعَرِفُهُ كُلُّ عَرَبِيٍّ”. فمن فهم معاني العربية السيطة يمكنه فهم كثير من معاني القرآن ومراده وخاصة في المحكمات منه دون المتشابهات .

وعليه فالتدبر هو غاية من غايات نزول القرآن الكريم، وهو عملية فكرية وروحية تهدف إلى فهم معاني القرآن بشكل عميق والتفاعل معها في الحياة ، والتدبر ليس مقتصرًا على العلماء والمفسرين فقط، بل هو واجب على كل مسلم، وكلما قرأ المؤمن القرآن بتدبر وفهم، زادت استفادته من  هذا الكتاب المبارك في حياته.

رابعًا : الفروق بين التفسير والتدبر والاستنباط:

التفسير هو الإبانة والكشف وإظهار المعنى المعقول ، فهو هو عملية فهم ذهني ومعرفي وبأدوات منهجية علمية ، يقوم بها المتخصصون في علوم القرآن، من المفسرين والعلماء، حيث يتناولون اللغة والبيان والبديع والجناس والأحكام والمعاني التفصيلية وسائر علوم القرآن ومعارفه.

أما التدبر، فهو أمر قلبي إيماني، يعيش فيه الإنسان حالة وجدانية يتفاعل من خلالها مع النص القرآني بمآلاته البعيدة ، حتى ولو كان أميًّا؛ لأن التدبر ليس حكرًا على أهل العلم فقد يفتح الله على قلب عبدٍ أميٍّ، فيتدبر آية ببساطة لكنه يدرك معانيها ويعيش أبعادها الروحية والوجدانية والعملية.

وأما الاستنباط فهو  أخصّ من التدبر ونتيجة له قال تعالى:﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ، لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾النساء: 83، فالاستنباط هو استخراج المعنى الخفي من النص، قال ابن جرير رحمه الله:(وكل مستخرج شيئًا كان مستترًا عن أبصار  العيون أو عن معارف القلوب فهو له مستنبط) تفسير الطبري 8/571 ،وهو أخص وأدق من التفسير والتدبر، ويختص به أهل العلم والفقه، لأن الوصول إلى المعاني الخفية يحتاج إلى أدوات علمية ومعرفية دقيقة، ومع ذلك، كلما زاد الإنسان إيمانًا ويقينًا وصدقًا في الطلب، فتح الله له من معاني القرآن، وهديه، وهداه، قال تعالى:﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾محمد: 17،﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإِيمَانِهِمْ ﴾ يونس:9

 

خامسًا:أنواع التدبر في القرآن الكريم:

التدبر في كتاب الله تعالى تختلف مداخله وطرائقه وأنواعه وبطبيعة الحال يختلف الناس في تدبرهم بحسب العلوم والمعارف وطبيعة التفاعل الإيماني وصدق اللجوء إلى الله في طلب الهداية فكثير من التدبر قد يكون وهبيًا لا كسبيًا أي هبة من الله وعطاءً فما أعظم الهبات الربانية في تدبر كتاب الله تعالى، ونشير في النقاط الآتية لبعض أنواع التدبر في كتاب الله تعالى.

1/تدبر المعجزات الدالة على صدق الرسالة:

ويُقصد به الوقوف عند الآيات التي تؤكد أن هذا القرآن ليس انتاجًا وكسبًا بشريًا  بل هو وحي منزّل من عند الله تعالى وقد دلّ على ذلك الكثير من الآيات البينات الدالة على عدم الاختلاف والاضطراب في داخله ودلالته على حقائق الوجود الغيبي والكوني والإنساني بما لا يمكن أن يكون منتجًا بشرية في سياقه التاريخي ولحظة التنزيل ويتم معرفة ذلك من خلال التدبر والنظر المتأمل في كتاب الله تعالى حيث قال تعالى:﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ، وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ، لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ النساء: 82، والبينات والبصائر جزء من الكتاب العزيز في رسالة النبي محمد عليه الصلاة والسلام ومستمرة تتكشف حتى قيام الساعة في الأنفس والآفاق لتثبت أن الرسالة حق وصدق وأنها من الله تعالى.

وهذا النوع من التدبر يُثبِّت الإيمان، ويُرسّخ اليقين، ويجعل المسلم على بصيرة علمية برهانية من دينه ورسالته.

2/ تدبر العِظات والعِبر:

ويتضمن ذلك :

  • الوقوف عند القصص القرآني، وما فيه من عظاتٍ ودروسٍ وعِبَرٍ عن الأمم السابقة، وكيف نجا من نجا، وهلك من هلك، وما هي علل التديّن المستفادة من تاريخ البشرية من خلال الوحي المنزل.
  • التفكر في الأمثال المضروبة وما اشتمل عليه من الوعد والوعيد والترغيب والترهيب

فيقوده هذا التدبر إلى تصحيح سلوكه وزيادة تقواه.

 

3/  التدبر لاستخراج الأحكام:

يتأمل المتدبر في آيات القرآن ليستخرج منها الأحكام الاعتقادية والسلوكية. مثلًا:

  • قوله تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ = توحيد.
  • ﴿ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ ﴾ = شعيرة وعبادة.
  • ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ ﴾ = أخلاق وأدب.

وقوله تعالى:﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ الأنعام: 151

وهذه هي الوصايا العشر التي تمثل منهاجًا وسلوكيًا قويمًا وهي الحكمة والصراط المستقيم

وختامها بقوله تعالى:﴿ وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ… ﴾ (الأنعام: 153

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:(فمن تدبر القرآن، وتدبر ما قبل الآية وما بعدها، وعرف مقصود القرآن، تبين له المراد، وعرف الهدى والرسالة، وعرف السداد من الانحراف والاعوجاج) الفتاوى ج/15/94

4/ تدبر الأخبار والعلوم القرآنية:

ويتضمن ذلك:

  • أوصاف الدار الآخرة.
  • أهوال القيامة.
  • أوصاف المؤمنين والكافرين والمنافقين.
  • قصص الأنبياء.
  • الحقائق الغيبية التي لا يمكن أن تُعرف إلا بوحي.

هذا النوع من التدبر يعمّق معرفة العبد بالله واليوم الآخر، ويؤثر على قلبه وسلوكه.

سادسًا: ثمرات التدبر:

1/ التدبر يورث اليقين ويزيد الإيمان وبه يكون معرفة الطريق إلى الله تعالى

2/ هو السبيل لتنفيذ أوامر الله واجتناب نواهيه عن وعي وبصيرة

3/ التدبر هو سبيل الاعتبار والاتعاظ بأمثال القرآن وقصصه

4/ التدبر يحمل على الوقوف مع النفس محاسبة ومراقبة وتصويبًا

5/ التدبر هو الطريق إلى محاب الله ومساخطه ومعرفة أوليائه وأعدائه

6/ والتدبر من أقوى الأسباب لإصلاح القلوب وتزكيتها وتطهير النفس من أمراضها وعللها

انظر الخلاصة في تدبر القرآن الكريم / خالد السبت  ص/25

قال  ابن القيم رحمه الله تعالى:( وبالجملة فلا شيء أنفع للقلب من قراءة القرآن بالتدبّر والتفكّر؛ فإنه جامع لجميع منازل السائرين، وأحوال العاملين، ومقامات العارفين، وهو الذي يورث المحبة والشوق والخوف والرجاء، والإنابة والتوكل والرضا والتفويض، والشكر والصبر، وسائر الأحوال التي بها حياة القلب وكماله، وكذلك يزجر عن جميع الصفات والأفعال المذمومة التي بها فساد القلب وهلاكه.
فلو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبر لاشتغَلوا بها عن كل ما سواها، فإذا قرأه بتفكّر حتى مر بآية هو محتاج إليها في شفاء قلبه كرّرها ولو مئة مرة ولو ليلة! فقراءة آية بتدبّر وتفهُّم خير من قراءة ختمة بغير تدبّر وتفهُّم، وأنفع للقلب، وأدْعى إلى حصول الإيمان وذوق حلاوة القرآن ) مفتاح  دار الساعدة ج /1/187

وفي الختام، فإن التدبر في كتاب الله وسنّة نبيّه ﷺ ليس ترفًا فكريًا، بل هو باب عظيم من أبواب الإيمان، وسرّ من أسرار الثبات والهداية، وبالتدبر نحيا حياة القلوب، ونستشعر عظمة الوحي، ونتذوق حلاوة الطاعة. فليكن التدبر منهجًا نعيشه لا مجرد لحظات عابرة نمرّ بها.

اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا وغمومنا.
اللهم ارزقنا تدبر كتابك، والعمل به، آناء الليل وأطراف النهار.
اللهم افتح لنا في فهم كلامك فتوح العارفين، وارزقنا لذّة التلاوة، وحلاوة الإيمان، وبرد اليقين.
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ولا تجعلنا من الغافلين.

د.حسن سلمان

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *