محاربة الإسلام عبر بوابة المواريث

4 فبراير 2019 2580

بقلم الدكتور/ حسن سلمان

الشريعة الإسلامية الخاتمة تعد أفضل وأجمل وأكمل وأجل شريعة مقارنة مع غيرها من التشريعات السابقة وخاصة في مجال المرأة وحقوقها وواجباتها الدينية والدنيوية ومع ذلك لم نسمع يومًا من رجال دينهم أو قادة الفكر والسياسة فيهم من يطالب بتغيير المناهج الدينية أو قانون الأحوال الشخصية بل يعد ذلك جريمة لا يجوز السكوت عنها ولا تمريرها بأي حال.
فمثلًا نجد في الديانة اليهودية حرمانًا للمرأة_ سواء كانت أمًا أو أختًا أو بنتًا أو زوجة_ من الميراث في حالات كثيرة وليس هناك مساواة بين الرجل والمرأة بل أحيانًا ليس هناك مساواة بين الأبناء ويتفاوتون بحسب سنهم وترتيبهم في الولادة ومع ذلك تقوم الدنيا ولا تقعد للحديث عن الميراث في الإسلام الذي هو أعدل نظام عرفته البشرية ويقوم التفاوت فيه بناء على اعتبارات موضوعية وعادلة وإن تناول تشريعات المواريث بعيدًا عن المنظومة الإسلامية في الأسرة والمجتمع وطبيعتها وتشكلها وتراتبها ومسؤولياتها وعلاقتها بسائر المنظومات الإسلامية الأخرى العقدية والأخلاقية والاقتصادية فإنه تناول ساذج وينطلق من جهل بالإسلام وأحكامه كما ينطلق من نفسية مهزومة ومهزوزة أمام التيارات العالمية المهيمنة وليست منطلقة من حرص على المرأة ومساواتها وتحقيق العدالة الاجتماعية لها.
ونجد معظم الحملات الموجهة ضد الأمة وعقيدتها وشريعتها مبناها الجهل والهوى والعداء المستحكم في النفوس المريضة كما نجد في كثير منها دوافع سياسية لإلهاء الشعوب عن القضايا الحقيقية لها والتحديات الماثلة فمثلًا من القضايا الحقيقة للشعوب حقها في الثروات والمشاركة والمساواة فيها بعيدًا عن احتكار النخب السياسية والاقتصادية لها وكذلك حق الأمة العام المغتصب باغتصاب السلطة بعيدًا عن اختيار الشعب لها ومع ذلك لا تطرح مثل هذه الأمور ولا يلتفت إليها لأن المراد حقيقة ليس تحقيق العدالة والمساواة باعتبارها قيمة إنسانية بل المقصود الهاء الشعوب عن القضايا الحقيقية الكبرى.
وبالعودة لتشريعات المواريث وطبيعتها والأسس الحاكمة لها يمكن ملاحظة الاعتبارات التالية :
1/ اعتبار القرابة ودرجتها بين الوارث والمورث المتوفى ذكرًا كان أم أنثى ( بنوة / أبوة / أمومة / أخوة / زوجية ).
2/ موقع الجيل الوارث من التتابع الزمني للأجيال فالفروع الوارثة تستقبل الحياة بكل تحدياتها بخلاف الأصول التي نالت حظها ونصيبها من الحياة وهي مدبرة في الغالب .
3/ المسؤولية والعبء المالي الذي يقع جهة ما وخاصة الرجال بحكم القوامة الشرعية والمسؤولية الاجتماعية حيث تقع كافة الأعباء المالية على الرجال سواء بالقرابة النسبية أو بالمصاهرة بحسب المنظومة الإسلامية حيث تقع مسؤولية الإنفاق على الزوج والابن والأب والأخ ويكون ما ترثه المرأة حقًا خالصًا لها دون الزام لها بواجبات وتكاليف مالية.
وبناءً على ما سبق من اعتبارات فإن هناك أربعة وثلاثين (34) حالة ترث فيه المرأة بنسب متفاوتة بحسب تلك الاعتبارات ومنها أربع حالات فقط يكون فيها للذكر مثل حظ الانثيين أي ترث المرأة نصف ميراث الرجل وأما الباقي فهو على النحو التالي :
1/ حالات تكون فيها المرأة مساوية للرجل في الميراث وهي عشر حالات ومثالها ميراث الأب والأم مع وجود الفرع الوارث (البنين والبنات) يكون لكل منهما السدس وعليه الأم (المرأة/الأنثى) مساوية للأب (الذكر) لقوله تعالى: (ولأبويه لكل واحدٍ منهما السدس مما ترك إن كان له ولد) وكذلك ميراث الأخوة لأم فإنهم متساوون في الميراث دون تفاوت لقوله تعالى: (وإن كان رجلٌ يورث كلالةً أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث)
2/ حالات ترث فيها المرأة أكثر من الرجل وهي عشر حالات ومثالها ميراث الأب (الذكر) مع البنت (الأنثى) حيث يرث الأب السدس وترث البنت النصف وكذلك البنت مع أخوين شقيقين للميت (المتوفى) فللبنت النصف والأخوة يرثون الباقي بالتساوي بينهم فيكون لكل أخ الربع فيكون للأنثى مثل حظ الذكرين خلافًا لقاعدة ميراث البنت مع إخوانها الأشقاء وكذلك حال البنتين مع عمين شقيقين حيث ترث البنتان الثلثين والثلث الباقي للعمين الشقيقين تعصيبا فيكون لكل منهما السدس والفرق واضح وكبير .
3/ حالات ترث فيها المرأة ولا يرث الرجل أي تحجب فيها المرأة الرجل وهي عشر حالات ومثالها وجود الفرع الوراث الذكور مع الإناث فإنهم يحجبون الأخوة الأشقاء وبالتالي ترث المرأة (البنات) ولا يرث الرجل (أخ شقيق) لوجود الابن مع البنات وهي الحالة التي يكون فيها للذكر مثل حظ الأنثيين فروعت فيها مع اعتبار القرابة اعتبار العبء والمسؤولية المالية وكذلك ميراث الجدة (أم الأم) مع زوجها (أب الأم) فهنا ترث الجدة كل التركة وتعرف بالجدة الصحيحة حيث ترث السدس فرضًا والباقي ردًا وليس للجد من التركة شيء لأنه من أصحاب الأرحام الذين لا يرثون مع أصحاب الفروض .
ومحصول القول فإن أحكام الشرع كافة جاءت لمصالح العباد في الدارين وهي عادلة وحكيمة لأنها متعالية وليست من ذات البيئة البشرية الأرضية بل سماوية المصدر وربانية الوجهة والقصد فلا يتسرب إليها الظلم والباطل والتحيز بحال ولهذا يخضع لها المكلفون بهذا الاعتبار وليست باعتبارها تعبيرًا عن فئة حاكمة أو محكومة أو من خلال صراع اللوبيات بمختلف فئاتها وتوجهاتها أو صراع الطبقات والأجناس بل باعتبارها من لدن حكيم حميد.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *