تمر السنون و الأيام والليالي والدقائق والثواني وهي تشعرنا بقرب المنتهى ونقصان العمر والاقتراب من ساعة الصفر وهي تجاري دقات قلوبنا التي بين جنباتنا المعبرة عن حقيقة الحياة .
دقات قلب المرء قائلة له — إن الحياة دقائق وثوان
مر عام ونستقبل عاماً شمسياً جديداً وننظر إليه بأنه آية من آيات الله تعالى
(وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرةً لتبتغوا فضلًا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا)
(والشمس والقمر بحسبان) (فالق الإصباح وجعل الليل سكنًا والشمس والقمر حسبانًا ذلك تقدير العزيز العليم)
والآيات الكونية في الآفاق تحملنا على العبرة والعظة والتفكر والتدبر في حكمة الله في الوجود وعدم العبثية فيه مطلقاً.
والناس في استقبال العام الجديد صنفان :
أحدهما: يستقبله باللعب واللهو غير المباح والغفلة عما وراء الحدث الكوني تعاملًا مع المسألة في ظاهرها دون الـتأمل في حركة الزمن وغايتها ومنتهاها وصيرورتها التي تؤول إلي الله الرب المعبود بما شرع قال تعالى: (وأن إلى ربك المنتهى)
وقال: (يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون)
وقال: (بل ادارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون)
وهؤلاء حظهم من الحدث ربما كان الذنوب والمعاصي التي تزيدهم غفلة إلي غفلتهم مع ما يصاحب ذلك من اللذات اللحظية الزائلة .
والصنف الثاني: هم الذين تعاملوا مع الحدث بمنطق الفكر والتفكير والذكر والتذكير بأيام الله ونظروا للأمر من زاوية فناء عام من عمرهم وهم مشغولون بصحائف أعمالهم التي ختمت وما فيها من خير وشر ويتأهبون من جديد لجولة ربما لا يكملون نهاية الشوط فيها لعام قابل فهم في شغل مما يستقبل من الزمان مصحوبًا بالإشفاق على النفس والأهل من النهايات التعيسة فهم غير آمنين في هذه الفانية قال تعالى عن حالهم في الآخرة: (قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين فمن الله علينا و وقانا عذاب السموم) وكل ذلك طلبًا للأمان في الآخرة وهكذا هي عبرة الزمن صبرً وشكرًا باستحضار النعم والشكر عليها والالتفات للذنوب والاستغفار منها
قال تعالى: (وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآياتٍ لكل صبار شكور*وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم اذ أنجاكم من آل فرعون…).
ومسيرة البشرية إما صعود أو هبوط درجات أو دركات ولكل سيرورته وصيرورته قال تعالى: (ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأتِ بكم الله جميعًا إن الله على كل شئٍ قدير)
كل ذلك بعيدًا عما يرتبط ببداية العام الشمسي من الأعياد الدينية لغير المسلمين والتي تخالف في طبيعة تصورها للكون والإنسان والإله طبيعة التصور الإسلامي القائم على الوحدانية لله تعالى وكونه الرب الخالق والمعبود المتفرد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد وعلاقته بالخلق كله علاقة الرب والإله مع خلقه وعباده محكومة بقوانين الكون والشريعة (ألا له الخلق والأمر) بنظام له غاية وجودية بعيدة عن العبث قال تعالى: (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون).
اللهم اجعلنا ممن استقبل عامه الجديد بطاعتك وطلب رضوانك.