بقلم الدكتور/ حسن سلمان
الفقر عجز عن تحقيق الطموحات والتطلعات البشرية في هذه الحياة وقد ينتهي بصاحبه ليكون محطم الكرامة وكسير الفؤاد وذليل القامة ولهذا كان قرين الكفر وبريده ولذا تعوذ منهما النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (أعوذ بك من الكفر والفقر) سنن أبي داوود. وقال الإمام علي -رضي الله عنه-: (لو كان الفقر رجلا لقتلته) والفقر ينسي الإنسان حقيقة مهمته في الحياة بل ووجوده المادي والمعنوي ولذا تعوذ النبي -صلى الله عليه وسلم- منه بقوله: (وأعوذ بك من فقر ينسي) مسند البزار .
وأسوأ أنواع الفقر ذاك الذي ينتج عن سوء السياسات الإقتصادية والإجتماعية الذي ينتهي بجعل المجتمع طبقات متفاوتة غاية التفاوت تغيب معه الطبقة الوسطى العازلة بين الفقر المنسي والغني المطغي هذا التفاوت الذي يؤدي للغبن والعداوات بين المجتمع ثم الاحتراب المنتهي بالخراب .
وعالم اليوم تسوده الرأسمالية الجشعة التي تتحكم فيها الشركات الكبرى والتي لا تعرف الرحمة في قيمها وأخلاقها وتتحكم أقلية في مجمل ثروات العالم ونشاهد بجلاء كيف يسحق في ظلالها الفقراء والمساكين وكيف يموتون على ضفاف تلك البلاد التي نهبت ثروات بلادهم وحولتهم لشعوب متسولة على موائد المترفين.
بل صار تجويع وافقار الشعوب سياسة ممنهجة للتحكم فيها واشغالها عن قضايا السيادة والتحرر من الاستبداد والفساد والاحتلال على قاعدة ( جوع كلبك يتبعك) وفعلا من يبحث عن قوت يومه لن يفكر فيما هو أبعد من ذلك.
ولعل من أكبر المفاهيم المغلوطة التي تسوق للناس مفهوم الندرة في الثروات بينما الحقيقة هي أن الثروات كافية للبشر إذا كان التوزيع عادلا ولكن الندرة صناعة مقصودة للتحكم في الأسعار العالمية وثم التحكم فى الشعوب قال تعالى: (وَجَعَلَ فِیهَا رَوَ ٰسِیَ مِن فَوۡقِهَا وَبَـٰرَكَ فِیهَا وَقَدَّرَ فِیهَاۤ أَقۡوَ ٰتَهَا فِیۤ أَرۡبَعَةِ أَیَّامࣲ سَوَاۤءࣰ لِّلسَّاۤئلِینَ) فصلت/10 .
والإسلام جاء في تشريعاته بما يقلل التفاوت ويقرب الفجوات ويعزز روح التكافل الاجتماعي ويمنع الاستغلال والظلم ويحقق التوزيع العادل للثروات دون أن يدمر روح العمل والإنتاج والفاعلية الإنسانية والتحفيز للعاملين تقديرا لجهدهم بعيدا عن الاحتكار في التداول للمال في طبقة الأثرياء دون سواهم فشرع الزكوات والصدقات وفرض المواريث وندب للوصايا والهبات كل ذلك لتوسيع دائرة التداول المالي وتفتيت التكدس في الثروات و الحيلولة دون نمو الطبقات الاجتماعية المترفة (مَّاۤ أَفَاۤءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡیَتَـٰمَىٰ وَٱلۡمَسَـٰكِینِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِیلِ كَیۡ لَا یَكُونَ دُولَةَۢ بَیۡنَ ٱلۡأَغۡنِیَاۤءِ مِنكُمۡۚ وَمَاۤ ءَاتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُوا۟ۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِیدُ ٱلۡعِقَابِ) الحشر/7.
ولهذا جعل الكواكبي الفقر ابن الاستبداد حيث قال:(لو كان الاستبداد رجلا، وأراد أن ينتسب، لقال: (أنا الشر، وأبي الظلم، وأمي الإساءة، وأخي الغدر، وأختي المسكنة، وعمي الضر، وخالي الذل، وإبني الفقر).
يوجد 2 تعليقات
عبدالرحمن عمر
إذا ذهب الفقر إلى بلد , قال له الكفر خذني معك ” . عبارة قالها منذ قرون أبو ذر الغفاري – رضي الله عنه – لافتا إلى أضرار الفقر حيث أنه يؤثر في الفرد والمجتمع لدرجة أنه يجعل الانسان حتى أنه يستغني عن اغلى ما يملك وهو الدين .. والله سبحانه وتعالى يوصبنا بقوله ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) .. لذا ولعلم دول الاستكبار والدويلات المستبدة لما للفقر من أضرار وأنه بمثابة سلاح فتاك يجعل المجتمعات ترجع وتسجد المستبد نجدها تمارس في أوسع نطاقاتها خاصة في هذا الزمان واكبر مصيدة هو ما يسمى السياسات البنك الدولي يستغل حاجة البلاد ويفتح لهم باب القروض الدولية مع الفائدة والحكومات لا تفكر في المستقبل ويهمها فقط سد الحاجة الانية وبعد تراكم الديون تأتي الشروط التعجيزية والتركيع حتى تفقد الدولة المستدينة توازنها الاقتصادي وتبدأفي الاستغناء عن أهم الخدمات مثل الصحة والتعليم ورويدا رويدا تتحول الدولة من المغيثة الى المستغيثة وبدلا من أنها كانت تدعم الدول صارت هي مستجدية ومنتظرة المعونات والاغاثات ووقعت في حبال واشراك دول الاستكبار حتى يعم فيها الكفر والانسلاخ عن الدين وهو اغلى ما نملك..
شكرا للدكتور حسن على هذا المقال الجيد وكذلك نشكر الأخوة في اعلام رابطة علماء ارتريا
وتقبلوا تحياتي
اخوكم ومحبكم عبدالرحمن عمر
أحمد عبد الجواد
أحمد الله إليك