بقلم/ الدكتور حسن سلمان
الإصطلاح أو المصطلح هو عبارة عن اتفاق قوم على تسمية أو تعبير لغوي خُصص للاستعمال في علم من العلوم أو فن من الفنون لمفهوم معين فخرج بذلك من الاستعمال اللغوي العام إلى استعمال لغوي خاص وصار له معنى دلالي آخر جديد مغاير لمعناه السابق بسبب استعمال ذلك العلم أو الفن أو الصناعة له في مجالاته المختلفة.
وهنا أشير لثلاثة مصطلحات لا بد من تحديدها والتفريق بينها بإيجاز وهي:
1/ الشريعة: وهي الوحي المنزل كتابًا وسنةً وهي الدين الذي يسمى الإسلام واكتمل نزوله في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) وهي التي تتسم بالعموم والشمول والإطلاق ومصدرها الرباني وهي بذلك تتمتع بالقدسية ولا يسع المسلم والمؤمن إلا التسليم المطلق بها وإلا فقد مسمى الإيمان والإسلام قال تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) ويشتمل هذا المصطلح على كافة قضايا الأحكام العقدية والقيمية الأخلاقية وقضايا الحلال والحرام وقضايا المنهاج وخاصة الأمور المحكمة والقطعية غير الاجتهادية أي القضايا النصية.
2/ الفقه: اصطلاحًا هو: (معرفة الأحكام العلمية العملية المكتسبة من الأدلة التفصيلية) بمعنى آخر هو الاجتهاد البشري في النظر في الدليل المتعلق بالأمور العملية من عبادات ومعاملات وغيرها والفقه من الناحية العلمية والعملية يشتمل على الأحكام العملية سواء كانت قطعية ومحل إجماع وهي شرع منزل بهذا الاعتبار أو كانت اجتهادية ومدارها على الدليل غير القطعي أو التعليل وهو غالبًا ظني في دلالته على الحكم وهو ما يسمى بالشرع المؤول وهو الذي يمكن فيه المراجعة والقبول والرد بحسب الحجج المطروحة وبالتالي فهو ليس كالشرع المنزل في قوته وحجيته والالزام به.
3/ التاريخ الإسلامي: وهو الممارسة العملية الواقعية للمسلمين عبر عصورهم المختلفة ودولهم المتعاقبة سواء وافقت النصوص الشرعية المنزلة أو الفقه والاجتهاد الشرعي أو خرجت عنهما وهذه التجربة التاريخية فيها الصالح والطالح والخير والشر وهي للاعتبار فيستفاد من خيرها ويتقى شرها بحسب الإمكان .
ومحصول القول فإن الدين المنزل تام وكامل وصالح لكل زمان ومكان وهو المرجعية الحاكمة على الفقه والتاريخ (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ) والممارسة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمسلمين سواء كانوا حكامًا أو محكومين فالحكم فيها للمرجعية العليا وجوبًا وليست في ذاتها حجة لمجرد إعلان نظام سياسي معين أن مرجعيته الإسلام فكم من حكومة تعلن في دستورها الإسلام مصدر التشريع ولكن عمليًا لا أثر للإسلام في واقع منظوماتها المختلفة.
وختامًا فإن الدين حاكم على التدين وليس التدين حاكمًا على الدين والإسلام حجة على المسلمين وليس العكس وبهذا يتم التفريق بين الدين المنزل والفقه المؤول والسلوك البشري الذي يحاول تنزيل النصوص على الواقع في محاولة تأويلية للنصوص لأن عملية التأويل للنصوص تمر بمرحلة علمية نظرية وهي التصور والاعتقاد وعملية الفقه الاجتهادي نظريًا ومرحلة عملية واقعية وهي عملية تحويل النص لسلوك بشري وهو ما ورد عن عائشة -رضي الله عنها-
(كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: “سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي) يتأول القرآن أي (سورة النصر).
والحمد لله رب العالمين.
يوجد تعليق واحد
عبدالرحمن عمر
جزيت خيرا وبارك الله في جهودكم