وكفى بالقرآن هاديًا

26 نوفمبر 2019 1611

في ظل الهجمة الشرسة على الإسلام وأهله وفرض الثقافة الغربية الغالبة بعلومها ومعارفها وسلطانها السياسي وهيمنتها الاقتصادية فإن أهم ما يحتاجه المسلم هو الاستعصام بالله وبكتابه ورسالته لأن فيه الهداية التامة لكل ما يحتاجه المسلم في قيام  دينه وصلاح دنياه قال تعالى: ﴿الۤمۤ (1) ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة ١-٢] ﴿إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا﴾ [الإسراء ٩]
﴿وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [آل عمران ١٠١] 
﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران ١٠3]
ولن يكون هاديًا إلا إذا اشتمل على الصدق والعدل قال تعالى:
﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الأنعام ١١٥]

 كما لا يكون هاديًا إلا إذا انتفت عنه الأوهام والشكوك والريب قال تعالى: ﴿لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ﴾ وعليه فإن التمسك بالكتاب وهداياته لأنه الحق والصدق الذي لا يتخلله الباطل والكذب قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ ۖ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (٤١) لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢)﴾ [فصلت ٤١-٤٢] فهو حق وصدق في أخباره ووعده ووعيده وقصصه وعلومه ومعارفه وكذلك هو العدل في أحكامه وتشريعاته كلها لا يتطرق إليها الظلم بحال فمن حكم به عدل قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ یَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَٱلۡإِحۡسَـٰنِ﴾ [النحل ٩٠] وبهذه الثقة في أخباره وتشريعاته وأحكامه ينطلق المسلم في مواجهة الجاهلية كلها المناقضة لهذا الكتاب القائم على الحق وليس بعد الحق إلا الضلال والمسلم حينها ينطلق واثقًا مما معه غير مرتاب ولا متشكك لأن ذلك مناقض لحقيقة إيمانه بما معه من الحق والعدل و يكون قد وقع في الحرج والضيق المنهي عنه في قوله تعالى: ﴿كِتَـٰبٌ أُنزِلَ إِلَیۡكَ فَلَا یَكُن فِی صَدۡرِكَ حَرَجࣱ مِّنۡهُ لِتُنذِرَ بِهِۦ وَذِكۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِینَ﴾ [الأعراف ٢]  فالمرتابون يصعب عليهم حمل الرسالة لأنهم غير واثقين فيما لديهم من الحق والعدل ﴿فَهُمۡ فِی رَیۡبِهِمۡ یَتَرَدَّدُونَ﴾ [التوبة ٤٥] وهم أسرع بذلك للتخلي عن الكتاب في أقرب محطات المواجهة والصدام وخاصة في مواجهة المادية الطاغية التي تسحق كل من يقف في مواجهتها وتملك من أدوات التأثير المادي والمعنوي ما يجعل ضعاف النفوس يتسابقون في كسب ودهم وتجنب مواجهتهم واتقاء طغيانهم مداهنةً وتزلفًا وتجنبًا لدفع ضريبة الحق قال تعالى: ﴿فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤئرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ﴾ [المائدة ٥٢].

والأمة الإسلامية تواجه معركة شرسة وواسعة النطاق تستهدف دينها وهويتها وثقافتها ووجودها ومواردها ولكن الهزيمة في كل ذلك تبدأ بالشك والريب فيما لدينا من كتابٍ هاديٍ في المسيرة كلها وحينها يكون المسلم جسدًا بلا روح ورأسًا بلا عقل ولا بصيرة لأن الهزيمة في كل الحروب والمعارك تبدأ من داخل النفس البشرية قال تعالى: ﴿أَوَلَمَّاۤ أَصَـٰبَتۡكُم مُّصِیبَةࣱ قَدۡ أَصَبۡتُم مِّثۡلَیۡهَا قُلۡتُمۡ أَنَّىٰ هَـٰذَاۖ قُلۡ هُوَ مِنۡ عِندِ أَنفُسِكُمۡۗ﴾ [آل عمران ١٦٥]

وأهم واجب في هذه المرحلة هو العودة إلى الكتاب المنزل  ليكون لنا هاديًا ودليلًا ومرشدًا ونورًا وبرهانًا وإلا فالتيه في ظلمات الجاهلية التي مآلها الضياع والهلاك والشقاء في الدنيا والآخرة.
قال تعالى: ﴿فَمَن یُرِدِ ٱللَّهُ أَن یَهۡدِیَهُۥ یَشۡرَحۡ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَـٰمِۖ وَمَن یُرِدۡ أَن یُضِلَّهُۥ یَجۡعَلۡ صَدۡرَهُۥ ضَیِّقًا حَرَجࣰا كَأَنَّمَا یَصَّعَّدُ فِی ٱلسَّمَاۤءِۚ كَذَ ٰ⁠لِكَ یَجۡعَلُ ٱللَّهُ ٱلرِّجۡسَ عَلَى ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ﴾ [الأنعام ١٢٥].

والكتاب عصمة من الفتن كلها التي أشار إليها رسول الله ﷺ سواء فتنة الدين أو العلم أو السلطان أو المال أو الشهرة أو غيرها وتكثر هذه الفتن ويتقلب الناس فيها بشكل متسارع كما جاء عن عبدالله بن عمر –رضي الله عنه-: (ليَغشَيَنَّ أمتي من بعدي فتنٌ كقِطْعِ الليلِ المُظلِمِ، يُصبِحُ الرجلُ فيها مؤمنًا ويُمسي كافرًا، ويُمسي مؤمنًا،
ويُصبِحُ كافرًا، يَبيعُ أقوامٌ دِينَهم بعَرَضٍ من الدنيا قليلٍ) صححه الألباني في السلسلة.

وخلاصة القول فإن التمسك بالكتاب وهداياته والوحي المنزل هو الصراط المستقيم الذي ندعو الله في صلواتنا كلها أن يهدينا إليه قال تعالى: ﴿فَٱسۡتَمۡسِكۡ بِٱلَّذِیۤ أُوحِیَ إِلَیۡكَۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَ ٰ⁠طࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ﴾ [الزخرف ٤٣].

اللهم نسألك الثبات على الأمر والعزيمة على الرشد .

د. حسن سلمان
الإثنين 28 ربيع الأول 1441 هجرية
25/11/2019م  

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *