بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
ينص الإسلام على وجوب الدعوة إليه بالحسنى، وإقامة الحجة به على الناس كافة،
بالحكمة والموعظة الحسنة ( ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ).
ويقرر أن لا أحد أفضل ممن يدعو إلى الله على بصيرة، ويعمل صالحا، ويعتز أنه من المسلمين
(ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين).
وهذا سبيل المسلمين إلى الله، كما كان من قبل سبيل رسولهم ومن اتبعه مؤمنا
( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين ).
وأن نقطة البدء في هذا السبيل النبوي، هي إنذار الأهل والعشيرة (وأنذر عشيرتك الأقربين).
وانطلاقا من عظم هذا السبيل، وفقها لمسؤولية الدعوة إليه، تأسست رابطة علماء إرتريا، هادية إلى الله، ومهتدية به.
وعلى هدي منه، ترسم من السياسات المسالمة والراشدة، عبر مؤسساتها الدستورية،
ما يعينها على الوفاء بالتزاماتها، وتعهد خطها الدعوي بالنقد والمراجعة والمتابعة والمبادرة.
وفي ضوء هذه المعالم الأساسية، واستمرارا في تفعيلها، انعقد مجلس شورى رابطة علماء إرتريا،
في دورته الثانية 27 – 28 /8 /1445الموافق 8 – 9 / 3 / 2024 م، وناقش التقارير الدعوية،
للعام المنصرم 2023 م، والخطة الدعوية للعام الجاري 2024 م.
وبعد أن وقف على مواطن الإخفاقات والإنجازات، خرج بقرارت وتوصيات، تقوي العمل الدعوي السلمي التربوي،
في مجتمعنا الارتري، وتجود من أدائه وثمّن جهود الأمانة العامة وما قامت به من تحقيق برامج الرابطة،
كما استعرض التحديات السياسية، والاضطرابات الأمنية التي ما زالت تعصف بأمتنا الإسلامية، بشكل عام،
وما يترتب عليها من انعكاسات ضارة على عطاء الرابطة الدعوي، واستقرار شعبنا الارتري، في موطنه ومهجره،
وعلاقته بالرابطة ودعاتها.
وفي هذا السياق عبر المجلس عن أسفه وبالغ حزنه للحرب الدائرة في السودان الشقيق،
وناقش تداعياتها الصعبة على المهجرين من شعبنا الارتري، القابعين منذ الستينيات في معسكرات اللجوء به.
وأدان كل ما نال الشعب السوداني من جرائم الاغتصاب بانتهاك الأعراض، والعدوان على الممتلكات
العامة والخاصة والقتل للأنفس البريئة المعصومة، سائلا الله أن يرفع عن السودان وأهله ما حاق بهم،
ويعمهم بالأمن الشامل.
وأشاد بما قام به الشعب الإرتري في داخل الوطن، مسلمه ونصرانييه، من حسن استقبال
إخوانهم اللاجئين السودانيين، فرارا من نار هذه الحرب، شعورا منهم بواجب الإخوة والجيرة، وسدادا لما
قام به أهل السودان من قبل، نحو إخوانهم الإرتريين، يوم أتوهم هروبا من سياسات القتل والإحراق الممنهج،
من الأنظمة الإثيوبية المتعاقبة.
وإنه لجميل جدا أن يضاعف شعبنا من عوامل هذا التضامن والتكافل والتكاتف مع الشعب السوداني،
حتى تتعمق معاني الإخوة والجوار على نحو أشد وأوثق.
وعلى جمعيات العمل الخيري، أن تضاعف من إغاثاتها، وعملها الإنساني، في شتى الجوانب،
بين اللاجئين الارتريين، في المعسكرات بالسودان، اعتبارا بحال المعيشة القاسية التي يتلوى
من آلامها شعبنا فيه، لما هو عليه من احتراب، يكاد يكمل عامه، بدخول رمضان.
وحث المجلس الشعب الارتري المسلم في الداخل والخارج، على مزيد من التمسك بهدي دينهم،
وحماية وحدة صفهم من التفكك، وحذر الشباب من الاستجابة للمفاهيم العلمانية الداعية إلى نبذ الدين،
والتحلل من قيمه، وتزيين السقوط في الفجور والفسوق والعصيان.
وأيضا من تقليد واتباع اتجاهات الغلو والتطرف الديني، ومن كل ما تنادي به من تكفير غير منضبط، وتفجير،
إرهابا للآمنين، وتحريفا لمفاهيم الدين.
ودعا في الوقت نفسه النظام الارتري إلى احترام حرية مواطنيه، مؤكدا حقهم في الدعوة إلى إسلامهم،
والاهتداء به في حياتهم.
وفي العودة إلى وطنهم، وفق حقهم في أصل مسكنهم، وأرض منبتهم، في ظل دستور من صنعهم،
يضمن لهم العيش بين مدنهم وقراهم بكرامة وأمان.
وطالبه بالإفراج عن الدعاة والعلماء المغيبين في سجونه، منذ التسعينيات، دون محاكمة عادلة،
وشدد على ضرورة الكشف عن مصيرهم، باعتبار ذلك حق إنساني ووطني، لهم، ولذويهم، وكل المواطنين.
واستنكر بشدة مصادرة وتأميم مؤسسات التعليم الإسلامي، وأكد حقها في أداء رسالتها الدعوية،
مطالبا بإعادتها إلى ما كانت عليه من الاستقلال في إدارتها الذاتية، ومناهجها التربوية.
رافضا تجريدها من رسالتها الإسلامية.
وندد بالجرائم الصهيونية المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني، وحقه في قيام دولته، وحماية قدسية المسجد الأقصى.
وذكر علماء المسلمين بواجبهم الشرعي، نحو ما يجري على أرض فلسطين،
من ظلم لا مثيل له، ونحو ما يشابهها من بلدان المسلمين.
وناشد حكام العالم العربي والإسلامي، على مضاعفة مجهوداتهم؛ للوقوف أمام هذه الهجمة الصهيونية وهمجيتها.
وأشاد بكل الاحتجاجات السلمية لأحرار العالم كافة، والتي رفضت الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني،
وبالمبادرة التي ضربت بها جمهورية جنوب أفريقيا أروع مثل في مقاضاة الكيان الصهيوني على جرائمه ضد الإنسانية.
وشكر جمهورية تركيا فيما يجده منها من تعاون مثمر، أتاح لرابطة علماء إرتريا، مجال تبليغ رسالة ربها،
سائلا المولى عز وجل حفظها من كل سوء يقصدها.
وأثنى على كل من يشاطر الرابطة همها الدعوي، ويمد إليها ما تذلل به معاناة الطريق وصعوباته.
وآخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين
والله الموفق
تاريخ 28-08-1445هـ
الموافق 09-03-2024م