السؤال: ما حكم الشرع إذا انتقل أحد الزوجين إلى ديانة أخرى، هل لا بد أن يتم الطلاق بينهم؟
الجواب: اختلف الفقهاء في هذه المسألة قديما، وفي عصرنا الحاضر نظرا لهجرة الكثير من أبناء المسلمين عامة ومن الجالية الإرترية خصوصا إلى بلاد الغرب التي يمثلون فيها أقلية مسلمة مع غيرهم، كثر الاستفسار عنها، وتناول العلماء هذه المسألة في أحكام الردة، وأن الفرقة تقع بين الزوجين، ولكن اختلفوا في نوع الفرقة، هل الفرقة فسخ أو طلاق بائن؟ فإن كانت الردة قبل الدخول انفسخ النكاح، وأما إن كانت الردة بعد الدخول فقد ذهب المالكية والحنفية إلى انفساخ النكاح في الحال، بنما ذهب الشافعية إلى الانتظار حتى انتهاء العدة، وحكي عن أحمد الروايتان.
ويمكن أن يذكر هنا ما ورد في الموسوعة الفقهية الكويتية 22/198: “اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا ارْتَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ حِيلَ بَيْنَهُمَا فَلا يَقْرَبُهَا بِخَلْوَةٍ وَلا جِمَاعٍ وَلا نَحْوِهِمَا.
ثُمَّ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا ارْتَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ بَانَتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ كِتَابِيَّةً، دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ؛ لأَنَّ الرِّدَّةَ تُنَافِي النِّكَاحَ وَيَكُونُ ذَلِكَ فَسْخًا عَاجِلاً لا طَلاقًا وَلا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَضَاءٍ.
ثُمَّ إِنْ كَانَتِ الرِّدَّةُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَكَانَ الْمُرْتَدُّ هُوَ الزَّوْجَ فَلَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى أَوِ الْمُتْعَةُ، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُرْتَدَّةَ فَلا شَيْءَ لَهَا.
وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا الْمَهْرُ كُلُّهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُرْتَدُّ الزَّوْجَ أَوِ الزَّوْجَةَ.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ: إِذَا ارْتَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ كَانَ ذَلِكَ طَلْقَةً بَائِنَةً، فَإِنْ رَجَعَ إِلَى الإِسْلامِ لَمْ تَرْجِعْ لَهُ إِلا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ، مَا لَمْ تَقْصِدِ الْمَرْأَةُ بِرِدَّتِهَا فَسْخَ النِّكَاحِ، فَلا يَنْفَسِخُ؛ مُعَامَلَةً لَهَا بِنَقِيضِ قَصْدِهَا.
وَقِيلَ: إِنَّ الرِّدَّةَ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلاقٍ.
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا ارْتَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ فَلا تَقَعُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَمْضِيَ عِدَّةُ الزَّوْجَةِ قَبْلَ أَنْ يَتُوبَ وَيَرْجِعَ إِلَى الإِسْلامِ، فَإِذَا انْقَضَتْ بَانَتْ مِنْهُ، وَبَيْنُونَتُهَا مِنْهُ فَسْخٌ لا طَلاقٌ، وَإِنْ عَادَ إِلَى الإِسْلامِ قَبْلَ انْقِضَائِهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ.
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: إِذَا ارْتَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ فَوْرًا وَتَنَصَّفَ مَهْرُهَا إِنْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْمُرْتَدَّ، وَسَقَطَ مَهْرُهَا إِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُرْتَدَّةَ.
وَلَوْ كَانَتِ الرِّدَّةُ بَعْدَ الدُّخُولِ فَفِي رِوَايَةٍ تُنْجَّزُ الْفُرْقَةُ. وَفِي أُخْرَى تَتَوَقَّفُ الْفُرْقَةُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ”([١]). ([١]) الموسوعة الفقهية الكويتية ٢٢/١٩٨.